ابحث عن

آفة "السلام الجزئي" .. هل تلاحق "سودان" ما بعد الثورة؟


الخرطوم – سلاميديا

رغم تقدم المفاوضات بين الحكومة الإنتقالية وتحالف الجبهة الثورية والتي أوشكت على توقيع إتفاق سلام نهائي، ما تزال المخاوف تنتاب المراقبين للمشهد السوداني، من الوصول إلى تسويات جزئية تعرقل حلم السلام الشامل الذي يراود السودانيين منذ الإستقلال.

وبعد إنتهاء مدة الستة أشهر التي حددتها الوثيقة الدستورية لحل قضايا الحرب والسلام، تقف حركتان كبيرتان، على مسافات بعيدة من العملية السلمية ومحادثات السلام مما جعل المفاوضات منقوصة، بحسب مهتمين.

وترفض حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور التي تسيطر على مناطق واسعة بجبل مرة غربي البلاد الدخول في محادثات سلام قبل لشروط محددة تضمن معالجة قضايا السودان في إطار كلي، وهو ذات الموقف الذي ظلت تتمسك به منذ حكم المعزول عمر البشير.

بينما تعثرت المفاوضات مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، نسبة لطرحها حق تقرير المصير منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق أو علمانية الدولة السودانية كموقف تفاوضي أوحد، الشي الذي رفضته الحكومة الانتقالية بحجة أن هذه القضايا تفوق تفويضها ويجب حسمها في مؤتمر دستوري قومي.

فيما يتفق معه عبد الواحد محمد نور في ذات الطرح، إلى جانب مطالبته بتحويل موقع التفاوض إلى العاصمة الخرطوم وإنعقاد مؤتمر دستوري لمناقشة قضايا الحكم والثروة والتحول الديمقراطي.

ويرى محللون سياسيون، وقيادات بالحركات المسلحة أن عزوف عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو عن عمليات التفاوض الجارية في جوبا قد يقود إلى تسوية جزئية تضم الجبهة الثورية بمكوناتها الحالية والحكومة الإنتقالية، مثلما كان يحدث في عهد النظام البائد.

وقال الناطق الرسمي لحركة جيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور، محمد عبدالرحمن الناير في تصريحات خص بها "سلاميديا" أن ما يجري في منبر جوبا من مفاوضات بين الحكومة الإنتقالية والجبهة الثورية هو إعادة إنتاج للاتفاقيات السابقة في عهد النظام البائد الذي وقع أكثر من 46 اتفاقية سلام ثنائية وجزئية وانتهت بوظائف في السلطة للموقعين وإستمرت الأزمة دون حل.

مشدداً أن هذه الإتفاقيات الثنائية لم تخاطب قضايا الوطن والجذور التاريخية للأزمة بل خاطبت قضايا الأشخاص ورغباتهم في السلطة، مشيراً إلى أن الإتفاق المتوقع التوصل إليه بين الحكومة والجبهة الثورية يمثل تأكيد على أن حكومة الخرطوم الحالية تسير في نهج سلفها البائد وأن ما حدث في ثورة ديسمبر المجيدة التي تم تدجينها هو تغيير في الأشخاص وليس تغييرا في السلوك والممارسات والتعاطي مع قضايا الوطن الكلية.

ويضف "ليس هنالك سلام سوف يتحقق في السودان بمعزل عن حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد أحمد النور ، والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الفريق عبد العزيز آدم الحلو ، لكون هاتين الحركتين هما الوحيدتان في السودان الآن اللتان تسيطران على مناطق جغرافية شاسعة بحجم دول ولهما جيوش وقواعد جماهيرية عريضة، فلا توجد أي حركة أخرى تسيطر على متر في التراب السودان ، وهذه حقيقة يعرفها القاصي والداني وليست مزايدة سياسية".

وتابع الناير "إتفاق سلام ليس طرفه هاتين الحركتين مصيره الفشل، لأن السلام الحقيقي يكون مع الأطراف صاحبة التأثير على الأرض ولديها جيوش ومناطق محررة، وهي المعنية بالإستقرار وجلب السلام".

وأكد أنهم ليسوا طرفا في هذه المفاوضات ولا يعنيهم أي إتفاق يتم توقعيه مع قناعتهم أن هكذا إتفاقيات جزئية وثنائية لن تحل الأزمة، وإنما الحل يكمن في مخاطبة جذور الأزمة الوطنية في إطارها الكلي عبر مؤتمر سوداني تشارك فيه جميع المكونات السودانية ما عدا نظام المؤتمر الوطني وواجهاته".

ويزيد الناير" الحركات التي تتفاوض في جوبا تعلم قبل غيرها أن هكذا اتفاقيات لن تحل الازمة، ولها تجاربها مع النظام البائد الذي وقعت معه من قبل اتفاقيات مماثلة وشاركته في السلطة وزعموا حينها إنه سلام شامل ولكن ظلت الأزمة قائمة، وتنصل النظام عن إتفاقاته معهم فأعلنوا تمردهم مرة أخرى، فكان عليهم الإتعاظ من تجاربهم السابقة التي أثبتت الوقائع فشلها بعدم تكرارها مرة أخرى".


أما المحلل السياسي الدكتور عبده مختار يستنكر تتمسك حركتي الحلو وعبدالواحد نور بما وصفه بالاطروحات التعجيزية المتتطرفة وغير المنطقية في وقت يتطلع فيه السودانيين لتحقيق السلام، والذي إنعكس تأخره سلبا على المواطنين.

ويقول مختار في تصريحاته ل"سلاميديا" "لا يمكن أن يطبق مبدأ العلمانية في دولة معظمها يدين بالدين الاسلامي، ولكن يمكن تطبيقه بعد إنشاء برلمان منتخب وإستفتاء شعبي، فلا بد للفصيلين المساعدة في تحقيق السلام لإنتخاب المجلس التشريعي والوطني ومن ثم النظر في أطروحاتهم.

ويتابع "لابد لجميع الأطراف تقديم تنازلات حقيقة لدفع بعملية السلام والوصول للحد الأدني من الإتفاق لتجاوز المرحلة الإنتقالية، وشدد"لا يمكن أن نتوقع من حكومة المرحلة الإنتقالية تحقيق كل المطالب".

ويتوقع مختار أن تمضي الحكومة الحالية قدما في تحقيق السلام وتوقيع إتفاقيات مع الجبهة الثورية بمكوناتها الحالية، وأكد انه لن يكون سلاما شاملا لكنه سيكون بإجماع الأغلبية.

فيما إختلف القيادي بحركة تحرير جيش السودان جناح مناوي سليمان عبد الله مع المحلل السياسي عبده مختار ، وقال سليمان خلال حديثه ل"سلاميديا" أن أي إخفاق في مكونات السلام سيكون خصما عليه ويعيد الحركات المسلحة والحكومة السودانية إلى المربع الأول.

ويضيف" الترتيبات الأمنية والأوراق التي تناقش في جولات التفاوض الآن مهمة وتبحث نفس الشروط التي طرحها عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو في ملفها السياسي وطرح علمانية الدولة والمؤتمر الدستوري".

وإعتبر سليمان الشروط التي وضعتها الحركتين كروت ضغط أكثر من أنها واقع ومطلب حقيقي، وتوقع إنضمامهم للعملية السلمية في أي وقت، ونصح بضرورة المضي قدما في توقيع الإتفاقيات مع الجبهة الثورية بمكوناتها الحالية.

وقال سليمان "الفرصة الآن مواتية لجميع المكونات السياسية والمدنية والجبهة الثورية بجميع مكوناتها لتحقيق السلام وذلك لضعف مراكز القوة العسكرية مما يعني تقليل فرص الإنقلابات العسكرية والذي يدعم بيئة ملائمة للتحول الديمقراطي والحكم المدني في البلاد".

Pin It

بين الخوف والإستهتار .. كيف تعامل السودانيون مع تدابير كورونا؟

الخرطوم – سلاميديا

شهد الشارع السوداني، ردود أفعال متباينة إزاء التدابير الإحترازية التي أقرتها السلطة الإنتقالية لمنع تفشي وباء كورونا، حيث تعاطى البعض بشكل إيجابي مع الإجراءات الوقائية وبدت عليهم مخاوف بائنة، بينما يتعامل السواد الأعظم مع أنباء الوباء بإستهتار وعدم مبالة مستبعدين وصوله الفايروس الى البلاد.

وبين الفئتان تقف مجموعة أخرى من السودانيين، تقول بإنها "متوكلة على المولى عز وجل"، وأنهم لايستطيعون إيقاف أعمالهم رغم يقينهم بإمكانية إصابتهم بوباء كورونا.

وإتخذت السلطة الإنتقالية في السودان جملة إجراءات إحترازية للحيلولة دون تفشي كورونا في البلاد، وذلك في أعقاب إعلان وزارة الصحة حالة وفاة بهذا الوباء لمواطن قادم من الأمارات وإكتشفت به بعد مفارقته للحياة.

وشملت الإجراءات الوقائية إعلان حالة الطوارئ الصحية بإغلاق كافة المعابر البرية، والبحرية، والجوية وإيقاف الدراسة في كافة المراحل، ومنع التجمعات والملمات وتجفيف المجمعات السكنية "الداخلية" وخفض المعاملات الحكومية الشي الذي أصاب العاصمة الخرطوم والمدن الاخرى بشلل كبير، وخفت الحركة بصورة ملحوظة.

ورغم موجة الهلع التي اصابت جزء كبير من الشعب السوداني فإن عدد من المواطنين ملتزمين بالأرشادات التي وجهت بها وزارة الصحة الاتحادية من غسل للأيادي وتجنب المصافحة وملامسة الاسطح وغيرها من الاحترازات.

وبدت الطالبة بجامعة الخرطوم نجلاء الشيخ غير مصدقة لما هو متداول عن تسجيل حالات إصابة بفروس كورونا، لذلك فهي لا تبالي ولا تكترث للاجراءات الوقائية التي وضعتها السلطات الصحية في البلاد.

ووجدت نجلاء التي تحدثت لـ"سلاميديا" في هذه إيقاف الجامعات لشهرا كامل، فرصة لنيل قسط من الراحة في الاقاليم والاسترخاء بعد عناء دراسة طال شهور متتالية دون انقطاع.

واستبعدت وصول فيروس كورونا الى السودان متعللة بدرجة الحرارة العالية التي تتميز بها البلاد والتي يمكن ان تقتل الفيروس او تحد من انتشاره.

وتزيد نجلاء "رغم انني غير مصدقة لحقيقة وصول الفيروس الا ان التدابير التي وصت بها وزارة الصحة ستكون كفيلة بالوقاية منه حال تفشيه".

وبحسب مراقبين فإن حالات الهلع والخوف المفرط من المرض تتركز في العاصمة الخرطوم مقارنة بولايات السودان التي تسودها حالة من الطمأنينة.

وأبدت المواطنة زهراء حامد مخاوفها من فيروس كورونا، مشددة على ضرورة أن يلتزم الجميع بالارشادات التي وضتها السلطات الصحية.

وحثت زهراء التي تحدثت لـ"سلاميديا" وزارة الصحة على توفير الكمامات والمطهرات مجاناً للمواطنين تقديراً لأوضاعهم المعيشية الصعبة.

وبحسب بائع "الكمامات" المتجول حافظ المبارك والذي اتخذ من كورونا فرصة لأيجاد مصدر رزق له، فإن الاقبال على شراء الكمامات عالي جدا.

وقال مبارك في تصريحاته لـ"سلاميديا" "ارتفعت اسعار الكمامات وبلغ سعر الكمامة الخضراء ٨٠ جنيها والكمامة الفلتر ٣٠٠ جنيه، ورغم ارتفاع اسعارها الا ان المواطنين يشترونها وتنفذ بضاعتي بسرعة".

ونصحت وزارة الصحة السودانية، بتجنب الزحام حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية من الافراح والاكراه ومآتم والاكتفاء بقبول التهاني او التعازي بالحجم الذي يخفف من الضرر، وغسل الايادي بالصابون بإستمرار، وجميعها إرشادات وقائية لمنع تفشي كورونا.

وتقول هالة الميرغني، وهي طبيبة عمومية، إن التدابير الاحترازية التي اتخذتها وزارة الصحة تعكس إهتمامها بصحة الشعب السوداني.

وتضيف خلال حديثها لـ"دسلاميديا " "السودان اول دولة اغلقت حدودها وأوقفت رحلات الطيران قبل تفشي كورونا بشكل أوسع وهذا سيقلل بالتاكيد من فرص الاصابة بهذا الفيروس".

Pin It

بعد إنقضاء مهلة الستة أشهر .. السلام في السودان يراوح مكانه

الخرطوم _ سلاميديا
إنقضت مهلة الستة أشهر التي حددتها السلطة الإنتقالية في السودان لإنهاء الحرب، ما تزال عملية السلام تراوح مكانها، ولم يشأ إحداث إختراق في المفاوضات الجارية في العاصمة جوبا، وفق مراقبين.

ورغم التعثر في جوبا، الا أن الشارع السوداني، يراقب مفاوضات السلام بنهم وتفاؤل كبيرين بطي صفحات الحرب الأهلية الضارية التي تشهدها البلاد منذ عشرات السنين، وتسببت في مقتل وتشريد الملايين.

وأرجع خبراء سياسيين، فشل الأطراف السودانية في التوصل لاتفاق سلام خلال المدة المحددة، الى مدى تعقد القضايا محل التفاوضات وعدم تكافؤها، بجانب ربطها باكمال هياكل السلطة الانتقالية والتحول الديمقراطي.

وحددت حكومة الفترة الانتقالبة مدة الستة أشهر الأولى من عمرها، لتحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها، وذلك اعتبارا من التوقيع على الوثيقة الديستورية في السابع عشر من اغسطس الماضي.

ويري المحلل السياسي عبده مختار ان ملف السلام يجب أن يترك مفتوحا ولا يمكن تحديد فترة زمنية معينة لتحقيقه.ونصح مختار خلال حديثه "لسلاميديا" أنه من الافضل أن يكون هناك مساران للحكومة الانتقالية احدهما للبحث في قضايا السلام والاخر لأستكمال هياكل السلطة".

وابرمت الحكومة السودانية والجبهة الثورية المسلحة في سبتمبر الماضي، اتفاق اعلان مبادئ يقضي بتأجيل تشكيل المجلس التشريعي وارجأ تعيين الولاة المدنيين الى حين تحقيق السلام. وتابع عبده مختار "تأخر عملية السلام إنعكس سلبا على المواطن وخاصة في الولايات وساعد في زيادة الازمات التي يعاني منها السودان، نتجة لعدم تعيين الولاة المدنيين".

وأرجع بطء مفاوضات السلام ما وصفه بخطأ ممنهج ارتكبته الحكومة الانتقالية بعدم ترتيبها للأولويات، فيما يلي عملية السلام.وبدأت محادثات السلام في سبتمبر الماضي بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية من جهة، والحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة عبدالعزيز الحلو من ناحية أخرى.
وتوصلت المفاوضات مع الجبهة الثورية إلى اتفاق إعلان مبادئ ووقف العدائيات، وحدث الشيء ذاته مع الحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو.

وانقسم تحالف الجبهة الثورية إلى عدة مسارات للتفاوض مع الحكومة بشكل منفرد حول قضايا المناطق المنحدرة منها هذه الفصائل، وتشمل مسار دارفور، ومسار الشرق، ومسار الشمال ومسار الوسط ومسار النيل الأزرق وجنوب كردفان.

وتعتبر الموضوعات التي يتفاوض عليها في جوبا حاليا من القضايا الشائكة والمعقدة وتفتقد لعدم التكافؤ ، وهذا ما اكده المحلل السياسي والقيادي بحركة تحرير السودان، جناح مناوي، مصطفي الجميل. وقال الجميل في تصريحاته ل"سلاميديا " القضايا التي يتفاوض عليها في جوبا الان ليست متكافئة ولن تفضي الى سلام عاجل وحتى اذا حدث سلام سيكون هشا". 

ودعا الى ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة ومناقشة المشكلات بعمق والتمهل للفصل فيها.وتابع الجميل "اوزان القوى السياسية غير متكافئة ولكي توضع في ميزان واحد تتطلب جهدا كبيرا من الاطراف المتفاوضة وصبر وعزيمة ورغبة حقيقية في احداث السلام".

ودعا جميع الأطراف المتفاوضة للتنازل عن متطلباتها التي تعيق سير المحادثات لضمان دخول الجميع في العملية دون اقصاء وعدم تحقيق السلام الجزئي، كما فعلت حكومة النظام البائد والذي بدوره اعاد انتاج الازمة".وأعرب الجميل عن تفائلة بتحقيق السلام وشدد على التحلي بالصبر وبذل الجهود للوصول لسلام عادل يرضي جميع الاطراف.

ويتطلع السودانيون الى توقيع اتفاق سلام شامل ينهي عقودا من الحروب الداخلية، ويشكل ذلك أحد المطالب الرئيسية لثورة ديسمبر التي أسقطت اطول فتىة حكم دكتاتوري مر على البلاد بقيادة المعزول عمر البشير.

إلى جانب أنه مطلب شعبي، فإن الدوائر السياسية تنتظر التوصل إلى سلام من أجل استكمال هياكل السلطة الانتقالية، بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام مدنيين للولايات، واللذين تم إرجاؤهما بموجب اتفاق مع الحركات المسلحة.

وحتى تم توقيع اتفاق سلام اطاري مع الحركة الشعبية جناح مالك عقار، وتقدم نسبي في مسار دارفور، بينما تم توقيع سلام نهائي مع مسارات الشرق، الشمال ، والوسط، وهي اوزان سياسية متواضعة وفق مراقبيين.

وفي المقابل، لم يشأ احداث اي تقدم مع الحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو، بإستثناء اتفاق اعلان المبادئ، نسبة لتمسك الاخير بموقفه التفاوضي والذي يقضي بعلمانية الدولة او تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، الشي الذي رفضته السلطة الانتقالية.

Pin It

مغامرات بالحدود .. سودانيات يقتحمن عالم التهريب


النيل الابيض _ سلاميديا
إلى وقت قريب، كانت عمليات التهريب المختلفة في السودان حكرا على الرجال، لكن تغلبات الحياة دفعت بعض الكنداكات لإقتحام هذا المجال بقوة في مغامرات مشهودة على الشريط الحدودي بين دولتي السودان، وجنوب السودان.

ومنذ أشهر نشطت مجموعات نسوية سودانية في تهريب السلع والبضائع والمؤن الغذائية والاثاثات والملبوسات والوقود إلى دولة جنوب السودان، وفق مصادر واسعة الاطلاع بمكافحة التهريب.

وبحسب ذات المصادر، تنشط هؤلاء النسوة في مناطق حدودية متاخمة لولاية النيل الأبيض، بينها جودة والكيلو 4 والجبلين، وتعتبر هذه المناطق ملاذا آمنا لعدد من المهربات والمهربين نسبة لقربها من دولة جنوب السودان وبيئتها الملائمة لمثل هذه العمليات.

وتتكون الشبكة النسوية من عدد كبير من النساء انقسمن الى مجموعات اصغر تتكون من عشرة الى خمسة عشر امرأة يتحركن بطريقة منظمة ومرتب لها بعد الاتفاق فيما بينهن.

ويرى مهتمون أن عمليات التهريب على الحدود بين السودان وجنوب السودان نشطت بعد اغلاق الحدود ووقف التجارة الحدودية وهو ما شجع هذه الشبكات على توسعت نشاطها المربح.

وانفصل جنوب السودان عن السودان في العام 2011م بموجب استفتاء شعبي أقرته إتفاقية نيفاشا للسلام الشامل بين حكومة المخلوع عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل جون قرن، والتي انهت اطول حرب أهلية في افريقيا. واعقب الانفصال توتر في العلاقات الثنائية بين الخرطوم وجوبا الشي الذي ادى لاغلاق الحدود.

وتقول "ازاهر" وهي احد المهربات، ورفض ذكر اسمها كاملا إنها أم لسبعة أطفال وان الضائقة الاقتصادية التي حدثت فب البلاد هي السبب الأساسي لتورطها في مثل هذه الاعمال".

وتضيف اذاهر خلال حديثها "لسلاميديا" "مجموعتنا تتكون من خمسة عشر تاجرة نتواصل عن طريق الهاتف لتحديد مواعد رحلات الذهاب والاياب ومناطق التلاقي".


وتبعد مناطق انشطة التهريب كيلومترات معدودة عن مناطق السكن والقرى وعادة تضم فرقان وكيلوهات تسكن بها بعض القبائل بحسب ازاهر.

وتروي ازاهر مغامراتهن في تهريب البضائع متباهية بحزاقتها في الافلات من نقاط التفتيش والتي لم تعد مخيفة بالنسبة لهن الآن".

وقالت "نشتري البضائع من ربك او الجبلين حسب طلبات المشترين التي اخطرونا بها مسبقا، ونقوم بترحيلها لمنطقة كيلو اربعة، وكنا سابقا نقوم بالمبيت في احدى القرى لكن بعد ان عقدنا اتفاقا مع صاحب عربة لترحيلنا اصبحنا نذهب ونعود في نفس اليوم".


فيما تحكي رفيقتها المطلقة والأم لخمسة اطفال والتي فضلت حجب اسمها، جزاء من تراجيديا المغامرات النسوية على الحدود، مؤكدة عدم وجود رقابة في الشارع انهن ولا يتعرضن لاي عمليات تفتيش او ضرائب او رسوم جمركية او حتى رشاوى الا لعمليات تهريب الجاز والبنزين".

وتقول المتحدثة في تصريحاتها ل "سلاميديا" "توجد منا نساء متفرغات لتهريب الجاز والبنزين ويتحصلن عليه من المركبات التي تنتظر في صفوف البنزين، والذي يتم تفريقه في "جالونات".

وتضيف "هؤلاء النسوة يتحصلن على ربح عالي جدا مقارنة بتجار الاثاثات والملابس الرسميين".

كما اشارات الى وجود معابر اخرى غير جودة تسمى المعابر الغربية والتي تكون فيها عمليات التهريب اسهل ولا يتفاضل فيها البائع والمشتري على سعر محدد بل يدفع المشتري ما يطلبة البائع مهما كانت قيمته".

وتروي البائعات مغامراتهن بنوع من الاحتفاء لكونهن يعتبرن ما يقومن به انجاز كبير مكنهن شراء الذهب والاثاثات وتوفير حياة كريمة لطفالهن وضمان تعليم بعد فشل الازواج في تحقيق ما كن يتطلعن له".

وتتفائل المهربة "تهاني" بموسم رابح في رمضان المقبل لوجود عدد كبير من الجنوبين الذين ينون الاستعداد لصوم رمضان والاعياد المصاحبة له.

وقالت تهاني التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملا خلال حديثها ل"سلاميديا" "الارباح ستزيد خلال الاشهر القادمة وسيزيد الطلب على بعض السلع البلدية والمجففة والتي نتقاضي عليها اسعار كبيرة مقارنة بالسلع التي تتوفر في السوق".

ويرى مراقبون أن عمليات التهريب بكافة انواعها تهلك اقتصاد السودان، وأن ما فرضته الميزانية برفع الدعم عن بعض السلع والوقود كان صائب للغاية.

الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير وصى بتفعيل الرقابة على الحدود وفرض امن الدولة على الحدود ووقف التهريب بكافة انواعة بغض النظر عن الحالة الاجتماعية للمهرب، مشيرا الى ان الوقود والسلع التي تهرب هي سلع مدعومة من الحكومة السودانية.

وشدد الناير خلال حديث لسلاميديا، على ضرورة توفير فرص عمل لهؤلاء النسوة اضافة الى توفير ورش للتدريب وأستيعابهن في المصانع والاشغال اليدوية وتوفير فرص اكبر لهن في التمويل الاصغر.

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

51 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع