السودان..صعوبات الانتقال الديمقراطي(9)

الخرطوم:حسين سعد

مرت حوالي خمسة أسابيع علي الاطاحة بالنظام البائد عبر الثورة الجماهيرية الباسلة لكن التحول نحو الانتقال الديمقراطي للسودان يواجه مطبات عديدة وصعوبات كبيرة،بسبب تركة الخراب التي تركها النظام البائد الذي إستمر نحو ثلاثين سنة من بينها الدولة العميقة او الموازية كما يقول القيادي بتجمع المهنيين والاستاذ الجامعي الدكتور محمد يوسف احمد المصطفي ،بجانب التدمير الممنهج الذي طال الخدمة المدنية ،والمؤسسات الحكومية، وتحطيم المشاريع الاقتصادية والزراعية والفساد الذي أزكم الانوف ،والقتل والتشريد وإشعال الحروب ،

فضلا عن تدخلات قوي اقليمية ودولية في السودان الذي أصبح مسرح لصراع تلك المحاور التي نشرناها في المقالات السابقة، ونخشي ان تؤدي هذه الصعوبات والتدخلات غير الحميدة الي اعاقة الجهود المبذولة للانتقال الديمقراطي الذي كتب عنه عدد من المفكرين والكتاب بأعتبار ان للسودان تجارب انتقال سابقة لم تكن ناجحة اذ سرعان ما تم الانقلاب عليها، فالدروس المستفادة من تجاربنا الماضية بجانب تجارب محيطنا الاقليمي بتفاعلاته، وانعكاساته، ونتائجه،تدفعنا للفت الانتباه لكل الفاعلين بضرورة التخلي عن الذاتية، والتقوقع في الحزبية الضيقة، كما عليهم التحلي بالرؤية الاستراتيجية، والأفق الاستشرافي،واعتماد مقاربات جديدة في تدبير المشهد السياسي ،وتدشين لحظة تاريخية تكون فيها المصلحة الأولى للوطن، وطن للجميع، وطن يحقق التنمية والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية ، لان كل المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية، لم تعد تسمح لنا بتكرار الاخطاء السابقة.

تجارب سابقة:

وفي مقال له قال احمد ابراهيم ابوشوك:يرى بعض الباحثين والمحللين السياسيين أنَّ التغيير في أنماط التفكير السياسي والبناء الهيكلي لمؤسسات الدولة السودانية قد أضحى ضرورة ملحَّة، للخروج من دائرة الفشل السياسي المتكرر إلى رحاب ديمقراطية مستدامة، آخذين في الحسبان أن السودانيين قد بدؤوا تجربة المشاركة الوطنية في الحكم بانتخابات عام 1948 لاختيار أعضاء الجمعية التشريعية، باعتبارها خطوةً تأسيسية تجاه الحكم الذاتي في ظل الاستعمار الإنجليزي-المصري (1898-1956)، وأعقبتها انتخابات مجلس النواب والشيوخ عام 1953، التي مثلت الانطلاقة الديمقراطية لقيام أول حكومة وطنية منتخبة، كان لها شرف إعلان الاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955. وجاءت بعدها انتخابات عام 1958 بوصفها خطوةً تجاه تمكين الممارسة الديمقراطية الوليدة، إلا أن الصراع الحزبي على السلطة أفضى إلى انهيار تلك التجربة، عندما سلَّمت قيادة حزب الأمة دفَّة الحكم إلى قيادة القوات المسلحة التي حكمت السودان مدة ستة أعوام (1958-1964)، شهد السودان خلالها انتخابات المجلس المركزي عام 1962، لإضفاء نوعٍ من الشرعية على الحكم العسكري الذي عارضته معظم القطاعات السياسية والحزبية،وبعد إزاحة الحكم العسكري عن طريق انتفاضة شعبية في أكتوبر 1964، حُكِم السودان بوساطة حكومة مدنية انتقالية مدة عام واحدٍ، مهدت الطريق لانتخابات عام 1965، التي أفرزت عددًا من الحكومات المؤتلفة بين أجنحة حزبَي الأمة والوطني الاتحادي المتصارع بعضها مع بعضها الآخر. وفي عهد تلك الحكومة المتعاقبة تمَّ طرد نواب الحزب الشيوعي السوداني من البرلمان، كما تصاعدت وتيرة الحرب الأهلية في جنوب السودان. وفي ضوء تلك الظروف، أُجريت انتخابات عام 1968، بوصفها خطوةً ثانية لتمكين الممارسة الديمقراطية. إلا أنَّ الحكومة المنتخبة من ائتلاف حزبَي الأمة والاتحادي الديمقراطي لم تدم طويلًا، بفعل الصراعات السياسية والحزبية التي أفضت إلى إجهاضها بانقلاب عسكري،وقد حكم ذلك الانقلاب العسكري السودان مدة ستة عشر عامًا ،تبنى خلالها أيديولوجيات متناقضة، لضمان استمراريته في الحكم، كما سعى جاهدًا إلى شرعنة وضعه السياسي بإجراء العديد من الانتخابات التشريعية والتنفيذية في مناخ غير ديمقراطي. إلا أن هذه المعالجات الشكلية لم تُكسب النظام شرعية سياسية، بل قادت إلى إسقاطه عبر انتفاضة شعبية في أبريل 1985م ،وبعد إسقاط النظام قامت حكومة (عسكرية – مدنية) انتقالية مدة عام واحدٍ، كسابقتها، أشرفت خلالها على إجراءات الانتخابات البرلمانية لعام 1985، والتي انبثق منها عدد من الحكومات الائتلافية المتعاقبة. لكنها كانت عرضة لسلسلة من المشاكسات الحزبية ،وأخيرًا قاد ذلك الواقع إلى سقوط الحكومة المنتخبة في 30 يونيو 1989، عن طريق انقلاب عسكري، خطط له ونفذه حزب الجبهة الإسلامية القومية، وفي عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، حدثت تحولات سياسية كثيرة في بنية الأحزاب السياسية، إذ ارتفع عددها من 16 حزبًا بحسب سجلات انتخابات 1986 إلى 83 حزبًا مسجلًا،وتفاقمت الأزمة في عام 2018، عندما عجزت حكومة الإنقاذ عن توفير متطلبات الحياة الأساسية (الخبز، والوقود، والنقود)، الأمر الذي أفضى إلى اندلاع انتفاضة  ديسمبر التي انتظمت فيها معظم  مدن السودان وقطاعاته الاجتماعية، وأخيرًا بلغت ذروتها في الاعتصام منذ 6 أبريل ، أمام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، مجبرة القوات المسلحة على إطاحة نظام الرئيس البشير في 11 أبريل 2019م ،ويمكن إجمال هذه التجارب الفاشلة في ثلاث ديمقراطيات منتخبة وغير متعاقبة، تُقدَّر فترة حكمها بأحد عشر عامًا، تخللتها فترتان انتقاليتان مدة عامين، وثلاث حكومات عسكرية (1958-1964، و1969-1986، و1989-2019) اغتصبت السُّلطة طوال اثنين وخمسين عامًا،أما الآن، فقد شهد السودان مخاض انتفاضة شعبية ثالثة، استطاعت أن تسقط حكومة الإنقاذ ، بعد ثلاثين عامًا من التسلط، والإقصاء السياسي، والفساد المالي، والفشل المتراكم في إدارة الدولة ومؤسساتها السيادية والخدمية، ونتيجة لذلك أضحت النخبة السياسية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تمضي في تكرار التجارب الفاشلة، وإما أن تسعى إلى تغيير طرائق تفكيرها السياسية لخدمة قضايا السودان الأساسية، ثم تتبع ذلك بتحديث في منظومات أحزابها السياسية وآليات حراكها وتدافعها الديمقراطي،ويبدو أنَّ قوى الحرية والتغيير قد انطلقت من هذا الخيار الثاني، عندما دعت إلى تشكيل حكومة انتقاليَّة مدنية، مكونة من ثلاثة مجالس (مجلس سيادي، ومجلس وزراء، ومجلس تشريعي)، تتولى سدة الحكم مدة أربع سنوات، بهدف معالجة المشكلات السياسية والاقتصادية الآنية، وتهيئة المناخ السياسي لإجراءات انتخابات عامة بعد نهاية الفترة الانتقالية.

ماهية الانتقال الديمقراطي:

ويقول دكتور حسنين توفيق إبراهيم في دراسة له الي ان  مفهوم الانتقال الديمقراطي يشير في أوسع معانيه إلى العمليات والتفاعلات المرتبطة بالانتقال أو التحول من صيغة نظام حكم غير ديمقراطي إلى صيغة نظام حكم ديمقراطي. ومن المعروف أن هناك عدة أشكال أو أنماط لنظم الحكم غير الديمقراطية، فهي يمكن أن تكون شمولية أو تسلطية مغلقة، مدنية أو عسكرية، حكم فرد أو حكم قلة...إلخ،وبناءً عليه، فإن مفهوم الانتقال الديمقراطي يشير من الناحية النظرية إلى مرحلة وسيطة -تشهد في الأغلب الأعم مراحل فرعية- يتم خلالها تفكيك النظام غير الديمقراطي القديم أو انهياره، وبناء نظام ديمقراطي جديد. وعادة ما تشمل عملية الانتقال مختلف عناصر النظام السياسي مثل البنية الدستورية والقانونية، والمؤسسات والعمليات السياسية، وأنماط مشاركة المواطنين في العملية السياسية...إلخ. وحسب كثير من الأدبيات السابقة، فإنه يمكن اعتبار عملية الانتقال الديمقراطي قد اكتملت متى ما توفرت عدة مؤشرات منها: وضع ترتيبات دستورية ومؤسسية بالتوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين بشأن النظام السياسي الجديد وبخاصة فيما يتعلق بإصدار دستور جديد، وتشكيل حكومة من خلال انتخابات عامة تكون حرة ونزيهة، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حالة الانتقال إلى الديمقراطية، فضلا عن عدم وجود قوى أخرى تنازع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها واختصاصاتها،ونظرا لأن عملية الانتقال الديمقراطي هي عملية معقدة بطبيعتها، تتداخل في تشكيل مساراتها ونتائجها عوامل عديدة، داخلية وخارجية، فقد تكون مصحوبة بمرحلة جديدة تتمثل في ترسيخ النظام الديمقراطي، وقد لا يترتب عليها قيام نظام ديمقراطي في مرحلة ما بعد الانتقال، وذلك في حال حدوث ردة أو انتكاسة تقود إلى نشوب صراع داخلي أو حرب أهلية أو ظهور نظام تسلطي جديد كما أن مرحلة الانتقال قد تفضي إلى ظهور نظم سياسية هجين، بمعنى أنها نظم لا تُعتبر غير ديمقراطية بالمعنى الكلاسيكي، شمولية أو تسلطية مغلقة، ولا تكون في الوقت نفسه ديمقراطية كاملة أو راسخة، أي تجمع بين بعض عناصر النظم غير الديمقراطية وبعض ملامح وعناصر الديمقراطية. وقد حدث هذا في كثير من الحالات لدرجة أن هذه النظم الهجين باتت تشكل ظاهرة على الصعيد العالمي ،وبناءً عليه، يمكن القول: إن النظم التي تمر بمرحلة انتقال إلى الديمقراطية تنتشر على خط متصل، يقع على طرفه الأول النظام غير الديمقراطي في صورته النموذجية سواء أكان شموليا أو سلطويا مغلقا، مدنيا أو عسكريا، حكم فرد أو حكم قلة...الخ، ويقع على طرفه الآخر النظام الديمقراطي في نمطه المثالي، والذى تُعد النظم الديمقراطية الليبرالية الراسخة في الدول الغربية أقرب النماذج إليه.

عوامل عديدة:

أكدت الموجة الثالثة للانتقال الديمقراطي على أن هناك مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية التي أدت إلى الانتقال، وأن هذه الأسباب تختلف من حالة إلى أخرى،وبصفة عامة، فإنه لا يمكن تفسير الانتقال الديمقراطي بعامل أو بسبب واحد فقط، فعادة ما يكون ذلك نتاجا لعوامل عديدة ومتداخلة بعضها جوهري والآخر ثانوي، بعضها داخلي والآخر خارجي، بعضها يتعلق بالعوامل البنيوية الموضوعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والدينية التي تشكل بيئة الانتقال، وبعضها الآخر يتصل بالفاعلين السياسيين من حيث هوياتهم واختياراتهم وإستراتيجياتهم. وفى ضوء ذلك، فإنه يمكن تصنيف الأسباب الداخلية للانتقال الديمقراطي إلى ثلاث مجموعات :

  • (1)أسباب تتعلق بتفاقم حدة الأزمات الداخلية وعجز النظام غير الديمقراطي عن مواجهتها بفاعلية، وهذه الأزمات قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية،وعندما يعجز النظام عن مواجهة هذه الأزمات فإنه يفقد شرعيته، وبالتالي تتصاعد حدة المعارضة ضده، وهنا قد تلجأ النخبة الحاكمة في هذه الحالة إلى تبني نوع من الانفتاح السياسي أو التحرك على طريق الديمقراطية لاستيعاب المعارضة، وقد تحدث ثورة أو انتفاضة شعبية واسعة تطيح بالنظام  التسلطي، وتدشن لمرحلة الانتقال الديمقراطي،ولكن إذا كانت الأزمات الداخلية تدفع في اتجاه الانتقال الديمقراطي في بعض الحالات، فإن بعض الانجازات الاقتصادية والاجتماعية التي يحققها النظام غير الديمقراطي في بعض الفترات قد تعزز من فرص وإمكانات الانتقال الديمقراطي في فترات تالية، فالتنمية الاقتصادية، وزيادة متوسط دخل الفرد، وارتفاع معدلات التعليم، كلها عوامل تسهم في خلق بيئة ملائمة للانتقال الديمقراطي
  • (2) أسباب تتعلق بطبيعة الفاعلين السياسيين من حيث هوياتهم وميزان القوة النسبي فيما بينهم. ويتضمن ذلك عناصر عديدة منها: درجة تماسك النخبة الحاكمة، وموقف كل من الجيش وقوات الأمن منها، وحجم التأييد الشعبي لها، وطبيعة قوى المعارضة السياسية ومدى فاعليتها في تحدى النخبة الحاكمة، وفي هذا السياق، يمكن القول إن القيادة السياسية أو الجناح الإصلاحي في النخبة الحاكمة قام في بعض الحالات بدور حاسم في عملية الانتقال الديمقراطي، ويحدث ذلك عندما تصل القيادة السياسية إلى قناعة مفادها أن التحرك على طريق الدمقراطية هو المسلك الآمن لتجنب احتمالات تغيير النظام بالقوة، كما أن وجود معارضة سياسية قوية وقادرة على التنسيق فيما بينها وتحريك الشارع ضد النظام الحاكم يعزز من فرص المساومة، والتفاوض مع الحكم بشأن الانتقال الديمقراطي، وربما إطاحته من خلال انتفاضة أو ثورة شعبية، بحيث يصبح الطريق ممهداً للانتقال بعد ذلك.
  • (3) أسباب تتعلق بطبيعة المجتمع المدني، ومدى فاعلية قواه ومنظماته في ممارسة الضغوط من أجل الانتقال الديمقراطي. ففي عديد من الحالات قامت قوى ومنظمات المجتمع المدني بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية (في بعض الدول) بدور هام ومؤثر في عملية الانتقال، وكل ذلك يقترن بمدى وجود طلب مجتمعي على الديمقراطية، يقوم المجتمع المدني بدور رئيسي في تعزيزه وتوسيع نطاقة ،أما بخصوص العوامل الخارجية التي أسهمت بدرجات متفاوتة، وأشكال مختلفة في دفع عمليات الانتقال الديمقراطي خلال الموجة الثالثة، ومن أهمها: بروز دور القوى الغربية والتكتلات الكبرى في دعم عمليات الانتقال الديمقراطي، سواء من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية للدول التي تمر بمراحل انتقال، أو تقديم الدعم المادي والفني للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، أو ممارسة الضغوط السياسية وفرض العقوبات على النظم التسلطية...إلخ. ويمكن في هذا المقام الإشارة إلى دور كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي في نشر وتعزيز الديمقراطية في مناطق مختلفة من العالم وبخاصة في جنوب وشرق ووسط أوروبا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وفى أميركا اللاتينية بالنسبة للولايات المتحدة،ثمة عوامل خارجية أخرى أثرت بدرجات متفاوتة، وأشكال مختلفة في عملية الانتقال الديمقراطي، منها: تنامي دور مؤسسات التمويل الدولية وبخاصة صندوق النقد والبنك الدوليين في دعم سياسات التحرير الاقتصادي والسياسي والتحول الديمقراطي في بلدان القارات الثلاث وشرق ووسط أوروبا، وذلك من خلال أدوات ووسائل عديدة لا يتسع المجال للخوض فيها، كما أن تمدد دور المجتمع المدني العالمي متمثلا في المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان كان له دوره في نشر الديمقراطية على الصعيد العالمي، حيث تقوم منظماته بتقديم أشكال مختلفة من الدعم لمنظمات المجتمع المدني ومراقبة الانتخابات في البلدان التي تمر بمراحل الانتقال الديمقراطي، وفضح ممارسات النظم التسلطية وممارسة الضغوط عليها...إلخ. أضف إلى ذلك أن انتشار قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان على الصعيد العالمي وبخاصة في ظل موجة العولمة وثورة المعلومات والاتصالات التي تجتاح العالم قد أسهم في خلق بيئة دولية ملائمة لدعم الانتقال الديمقراطي في مناطق مختلفة من العالم، كما أن نظرية الدومينو أو عامل العدوى أو الانتشار شكل عنصرا دافعا لعملية الانتقال الديمقراطي على الصعيد الإقليمي في بعض الحالات، حيث أن نجاح دولة ما في تأسيس نظام ديمقراطي مستقر يمكن أن يلقى بتأثيراته على الدول المجاورة لها على النحو الذى يشجع النخب والقوى السياسية فيها على السير في نفس الاتجاه، كما يمكن أن يحدث الانتقال الديمقراطي من خلال الحرب والاحتلال الأجنبي على غرار ما حدث في كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية لكن هناك نقطتان هامتان تتطلب الإشارة إليهما بخصوص دور العوامل الخارجية في دعم الانتقال الديمقراطي:
  • (أ)تختلف درجة تأثير العوامل الخارجية في عملية الانتقال الديمقراطي  من حالة إلى أخرى حسب اختلاف إستراتيجيات الفاعلين الدوليين، وطبيعة الظروف والعوامل الداخلية في البلدان المستهدفة، وقد أكدت دراسات عديدة على أن العوامل الخارجية لا تؤتى تأثيراتها الإيجابية بهذا الخصوص أو تكون تأثيراتها محدودة في حال عدم وجود قوى وعوامل داخلية محركة للانتقال الديمقراطي، مما يعنى أن الأصل في عملية الانتقال هو العوامل الداخلية أما العوامل الخارجية فإن دورها يكون مسانداً.

(ب) بعض العوامل الخارجية لعبت دوراً هاماً في دعم وترسيخ النظم التسلطية، وليس دعم الانتقال الديمقراطي. وتتمثل الحالة النموذجية لذلك في دور الولايات المتحدة الأميركية في دعم ومساندة النظم التسلطية في المنطقة العربية على مدى العقود الماضية طالما استمرت هذه النظم تتوافق مع مصالحها، أي أن سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة تجاه المنطقة العربية قامت في جانب هام منها على التضحية بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان من أجل المصالح،وهناك ايضا نموزج روسيا والصين التي تدعم النظم المتسلطة ،ولذلك فإن جهود المجتمع الدولي من أجل نشر الديمقراطية سواء في افريقيا او الشرق الاوسط  عانت من معضلة عدم المصداقية(يتبع)

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

171 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع