عبدالرحمن العاجب

تروى رواية “الحرب والسلام” لمؤلفها الرائع “تلستوي” قصة المجتمع الروسي في عهد نابليون، وتعتبر من أعظم الروايات العالمية وكانت تدور فصولها وأحداثها في بداية القرن التاسع عشر، مع إجتياح القائد الفرنسي الشهير “نابليون بونابورت” الذي لمع نجمه إثر إنتصاره على الجيوش النمساوية، والذي إجتاح الاراضي الروسية ودخل موسكو وإنسحب منها بعد الخيبة والفشل في مواجهة الشتاء الروسي القارص، بعد أن رفض القيصر الروسي “ألكسندر” الأول الاستسلام.

وتدور فصول الرواية حول مساوئ الحرب وتعتبر مهمة لكل المهتمين بقضايا الحرب والسلام وعلينا أن نستفيد منها كما إستفاد منها الشعب الروسي وبالتأكيد نحن بحوجة حقيقية ل”تلستوي” سوداني تنجبه “حواء” السودانية يرسم لنا بقلمه رواية واقعية تحكي عن الحروب التي عاشتها بلادنا منذ تاريخها القديم والحديث والوطني.

الحالة الروسية في رواية الحرب والسلام لاتختلف كثيرا عن الحالة السودانية لجهة أن السودان شهد حروبا إمتدت لأكثر من نصف قرن من الزمان ولن تهدأ له بندقية منذ إستقلاله في منتصف القرن المنصرم.

وفيما يبدو أن الصفوة والمثقفين والنخب السياسية لم يستفيدوا من أخطاء الماضي ولم يصلوا لقناعة أن الحرب بكل تأكيد لاتعرف المنطق الذي يعصم العقل من الوقوع في الخطأ وأنها دائما تجلب الدمار والخراب أينما وقعت أو إندلعت حيث قال عنها “تشارلز” قولته المشهورة  ” أعطوني المال الذي تم إنفاقه في كل الحروب وسوف أكسو كل طفل في العالم بملابس الملوك التي يفتخرون بها” وعليه، علينا أن نستفيد من هذه العبر والحكم من خلال النظر لواقعنا السوداني وهنا يبرز سؤال منطقي كم أنفقنا في الحرب منذ إستقلال السودان وحتى الان؟ بالتأكيد الأموال التي أنفقت في الحرب خلال تلك السنوات الماضية في حال توظيفها في التنمية ستجعل من سوداننا “جنة الله في الأرض ” بكل تأكيد. 

وفي المقابل السلام من القيم السامية التي دعا لها الحكماء والفلاسفة القدماء وقالوا عنه مقولات كثيرة منها “الانتصار الحقيقي والدائم هو الانتصار بالسلام وليس بالحرب”  فيما قال عنه أخرون وبينهم مارتن لوثر كينغ  أن “السلام الحقيقي ليس مجرد انعدام التوتر بل هو وجود العدالة” بينما قال عنه  فريدرك نيشته “لا نوم هنئ بلا سلام”.

حسنا، يحتم الواقع الذي فرضته ثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها وقيمها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة على فرقاء السياسية السودانية ممثلين في أحزابه السياسية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على إتفاق جوبا للسلام بجانب حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد والحركة الشعبية بقيادة الحلو ضرورة الجلوس في طاولة حوار واحدة بغرض التوصل الي إتفاق حد أدنى يفضي الي إستقرار سياسي وإجتماعي وإقتصادي على الأقل يجعل أطفالنا القادمون يحلمون بعالم سعيد.

ومن الأقوال العسكرية في الحرب أن “الحقيقة هي الضحية الأولى” وهذا يتضح جليا من خلال الاتهامات التي يتبادلها الخصوم السياسيين أثناء الحرب وعادتا ماتغيب الحقائق أثناء الحروب ومن ثم أن “النيران القادمة لها الحق في المرور” وهذا يتضح من خلال الضحايا الذين يسقطون في الحروب، ويبدو هذا واضحا خلال الواقع الذي عاشته مناطق عديدة في السودان منذ قبل الاستقلال وحتى الان حيث شهدت مناطق عديدة حروبا خلفت ألالاف القتلى منذ حرب الجنوب ومرورا بحرب شرق السودان ومرورا بدارفور، والحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

 

 وعليه أدعو الشعب السوداني بمختلف مكوناته الاجتماعية والثقافية والدينية الي ضرورة الاهتمام بقضايا البعض وأن يكون لديه إحساس مشترك ووجدان مشترك حتى يكون الوطن مشترك بيننا.

 وأبعث بهذه الرسالة في بريد القائد عبدالعزيز أدم الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ورفاقه في الحركة والقائد عبدالواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان ورفاقه في الحركة (أرضاً سلاح .. ليس بالحرب وحده ينتصر الإنسان) تعالوا لننتصر لشعبنا العظيم بتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والتي ستضع الأساس المتين والقوي لرفاهية الشعب والعبور إلى الضفة الأخرى حيث الدولة المدنية الديمقراطية دولة المواطنة والحقوق المتساوية والعدالة الاجتماعية والرفاهية للشعب.