ابحث عن

أزمة الهوية وتداعياتها على السلم المجتمعي

بقلم أ.محمد هرون الحجيرى
الخرطوم سلاميديا
الهوية تعد تعبيرا عن الكيفية التى يعرف بها الناس ذواتهم أو الكيفية التى يوصفون بها تأسيسا على العرق، الاثنية،الثقافة ،اللغة و الدين؛وكيف يمكن لهذا الإنتماء أن يحدد ويؤثر على مساهمتهم فى الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية لبلادهم. فالهوية بهذا التعريف لا قيمة لها فى معظم المجتمعات والبلدان الديمقراطية العلمانية الحديثة لأن التمييز على أساس العرق،لون البشرة،الموطن،الدين اوالجنس مرفوض قانونا .وإن إحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية له تعني ضمنا بأن إحترام هوية الفرد يتأتى عبر القبول بالتنوع.
ولكن فى بعض البلدان والمجتمعات تعد عناصر الهوية مهمة للإنتماء والمشاركة فى النشاط السياسي والإقتصادي و الإجتماعى، والأمثلة توضح بأن انتماء الفرد للأسرة أو العشيرة له أهميته فى المجتمعات القبلية .أما فى المجتمعات الدينية يعتبر الدين عاملا حاسما؛وفى الدولة العنصرية كما كان الحال فى جنوب إفريقيا فإن العرق يحدد المشاركة فى كافة المناحي الحياتية.و فى إطار القومية (الاثنية) كانت دول يوغوسلافيا السابقة والاتحاد السوفيتي تعتبر أن الإنتماء الإثنى هو العامل الإجتماعى الفيصل؛ وعلى من لا ينتمى عليه أن يتخذ خيارا إما مغادرة البلاد أو القبول بالتمييز المتوارث او السعى لتغيير الوضع و هنا يبدأ العنف فتتعقد الأزمة وتتمظهر فيما يعرف بظاهرة الزبنوفوبيا( xenophobia) أو كراهية الآخر، أى بمعنى تطوير موقف عدائي تجاه الآخر لاعتبارات اثنية أو قبلية أو دينية. وتتراوح آثار هذه الظاهرة من عدم استلطاف الآخر إلى الدخول فى حرب ضروس ضده.
ويمكن اعتبار الصراع الذى نشب بين الصرب والمسلمين فى أعقاب إنهيار جمهورية يوغسلافيا أبرز الأمثلة على المستوى الأوروبى.أما التفسير الإسلامى للزينوفوبيا فيعود إلى ظاهرة (النزغ الشيطانى)الذى يغذى الصراعات التى تنشأ بين الإخوة والقبائل والجماعات فى عالم يغلب عليه طابع التنازع الشديد حول الموارد الشحيحة وقدجاء فى سورة الإسراء الآية(٥٣ ) قال تعالى:(وقل لعبادي يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) صدق الله العظبم أى بالفساد والقاء العداوة والإغواء والنزغ هو الإفساد.
ولم يقتصر النزاع بين فرد وآخر أو قبيلة وأخرى بل ينتهي بالقتال ليشمل أكثر من بطن حتى داخل القبيلة الواحدة.فالعنف وكراهية الآخر والازدراء والاستعلاء العرقى يؤدي إلى عدم التصالح مع الذات وعدم التوازن النفسي والذي بدوره يولد الغلو والتطرف ولكى تعيش المجتمعات بصورة هانئة عليها أن تتجاوز أزمة الهوية وعدم وضع أى اعتبار لها على النحو الذى نم ذكره في صدر المقال وإنما الذى يخدمها هو تبني الهوية الوطنية .
الولايات المتحدة الامريكية عاشت لياليها القاتمة ولكن الزعيم الراحل MartinLuther king كان يؤمن بالاحتجاج السلمى وعدم تبنى العنف بالرغم من الممارسات التى مورست ضده شخصيا فقد اعتقل وطعن وقصف منزله إلا أنه ظل مؤمنا بأن العنف وكراهية الآخر يمكن تجاوزها بالمحبة والتسامح ولذا فقد منح جائزة نوبل للسلام فى العام١٩٦٤م وفى العام١٩٦٥ سمح لكل الأمريكان السود بحق التصويت .الشاهد أن جنوح المجتمعات المحلية نحو السلام يعزز من فرص إستغلال مواردها بغية العيش الكريم لها ولأجيالها القادمة (التنمية المستدامة) . نخلص إلى أن تداعيات أزمة الهوية يؤدى إلى التشرذم وعدم قبول الآخر والاحتراب وأخيرا الانفصال جنوب السودان نموذجا.

Pin It

رسالة في بريد الحلو وعبدالواحد

عبدالرحمن العاجب

تروى رواية "الحرب والسلام" لمؤلفها الرائع "تلستوي" قصة المجتمع الروسي في عهد نابليون، وتعتبر من أعظم الروايات العالمية وكانت تدور فصولها وأحداثها في بداية القرن التاسع عشر، مع إجتياح القائد الفرنسي الشهير "نابليون بونابورت" الذي لمع نجمه إثر إنتصاره على الجيوش النمساوية، والذي إجتاح الاراضي الروسية ودخل موسكو وإنسحب منها بعد الخيبة والفشل في مواجهة الشتاء الروسي القارص، بعد أن رفض القيصر الروسي "ألكسندر" الأول الاستسلام.

وتدور فصول الرواية حول مساوئ الحرب وتعتبر مهمة لكل المهتمين بقضايا الحرب والسلام وعلينا أن نستفيد منها كما إستفاد منها الشعب الروسي وبالتأكيد نحن بحوجة حقيقية ل"تلستوي" سوداني تنجبه "حواء" السودانية يرسم لنا بقلمه رواية واقعية تحكي عن الحروب التي عاشتها بلادنا منذ تاريخها القديم والحديث والوطني.

الحالة الروسية في رواية الحرب والسلام لاتختلف كثيرا عن الحالة السودانية لجهة أن السودان شهد حروبا إمتدت لأكثر من نصف قرن من الزمان ولن تهدأ له بندقية منذ إستقلاله في منتصف القرن المنصرم.

وفيما يبدو أن الصفوة والمثقفين والنخب السياسية لم يستفيدوا من أخطاء الماضي ولم يصلوا لقناعة أن الحرب بكل تأكيد لاتعرف المنطق الذي يعصم العقل من الوقوع في الخطأ وأنها دائما تجلب الدمار والخراب أينما وقعت أو إندلعت حيث قال عنها "تشارلز" قولته المشهورة  " أعطوني المال الذي تم إنفاقه في كل الحروب وسوف أكسو كل طفل في العالم بملابس الملوك التي يفتخرون بها" وعليه، علينا أن نستفيد من هذه العبر والحكم من خلال النظر لواقعنا السوداني وهنا يبرز سؤال منطقي كم أنفقنا في الحرب منذ إستقلال السودان وحتى الان؟ بالتأكيد الأموال التي أنفقت في الحرب خلال تلك السنوات الماضية في حال توظيفها في التنمية ستجعل من سوداننا "جنة الله في الأرض " بكل تأكيد. 

وفي المقابل السلام من القيم السامية التي دعا لها الحكماء والفلاسفة القدماء وقالوا عنه مقولات كثيرة منها "الانتصار الحقيقي والدائم هو الانتصار بالسلام وليس بالحرب"  فيما قال عنه أخرون وبينهم مارتن لوثر كينغ  أن "السلام الحقيقي ليس مجرد انعدام التوتر بل هو وجود العدالة" بينما قال عنه  فريدرك نيشته "لا نوم هنئ بلا سلام".

حسنا، يحتم الواقع الذي فرضته ثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها وقيمها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة على فرقاء السياسية السودانية ممثلين في أحزابه السياسية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على إتفاق جوبا للسلام بجانب حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد والحركة الشعبية بقيادة الحلو ضرورة الجلوس في طاولة حوار واحدة بغرض التوصل الي إتفاق حد أدنى يفضي الي إستقرار سياسي وإجتماعي وإقتصادي على الأقل يجعل أطفالنا القادمون يحلمون بعالم سعيد.

ومن الأقوال العسكرية في الحرب أن "الحقيقة هي الضحية الأولى" وهذا يتضح جليا من خلال الاتهامات التي يتبادلها الخصوم السياسيين أثناء الحرب وعادتا ماتغيب الحقائق أثناء الحروب ومن ثم أن "النيران القادمة لها الحق في المرور" وهذا يتضح من خلال الضحايا الذين يسقطون في الحروب، ويبدو هذا واضحا خلال الواقع الذي عاشته مناطق عديدة في السودان منذ قبل الاستقلال وحتى الان حيث شهدت مناطق عديدة حروبا خلفت ألالاف القتلى منذ حرب الجنوب ومرورا بحرب شرق السودان ومرورا بدارفور، والحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

 

 وعليه أدعو الشعب السوداني بمختلف مكوناته الاجتماعية والثقافية والدينية الي ضرورة الاهتمام بقضايا البعض وأن يكون لديه إحساس مشترك ووجدان مشترك حتى يكون الوطن مشترك بيننا.

 وأبعث بهذه الرسالة في بريد القائد عبدالعزيز أدم الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ورفاقه في الحركة والقائد عبدالواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان ورفاقه في الحركة (أرضاً سلاح .. ليس بالحرب وحده ينتصر الإنسان) تعالوا لننتصر لشعبنا العظيم بتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والتي ستضع الأساس المتين والقوي لرفاهية الشعب والعبور إلى الضفة الأخرى حيث الدولة المدنية الديمقراطية دولة المواطنة والحقوق المتساوية والعدالة الاجتماعية والرفاهية للشعب.

Pin It

يا مناوي " كج" العين

 

بقلم : محمد بدوي

المراقب لتصريحات القائد مني أركو مناوي " سليمان " عقب التوقيع علي إتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ يقف علي الحماسة التي ظلت تتسم بها  بعض تصريحاته بدءٱ من احتجاجاته السابقة  المتكررة علي  تأخر تنفيذ بند تعيينه حاكم لإقليم دارفور الى أن تم ذلك في توقيت سبق التشريعات الحاكمة للعلاقة  و كإطار يستند عليه تنفذ بنود الإتفاق .

الإستقبال الكبير  لمناوي بشمال  دارفور ، كان مؤشر أولي ومدعاة  للنظر إلي العلاقة الطردية بينها و الرغبة الواسعة للشارع في ترجمة السلام الي واقع معاش، الانتباه لذلك كان جديرٱ بأن يجعله يبادل تلك الحفاوة والتطلع إلي سلام يعزز من إحترام  الكرامة والعيش الآمن والكريم  بخطاب  يحجب  السالب الذي دفع به مهاجما جهات حكومية ومجتمعية بحرمانه  قصدا من بعض  الأموال للصرف علي مراسم توليه لمهامه  بالإقليم،  دون الخوض في الجدل والأطراف والإجراءات التي أرتبطت بالحالة  وهنا لابد من التذكير  بأن الوعي الذي يمثل سمة للشارع لا يشتري مثل ذلك الخطاب ، لأنها معركة من غير معترك ، كما  محمولها ينتمي إلي ما قبل ديسمبر ٢٠١٨ ، من ناحية أخري الثورة و الثوار ليست ألقابا مجانية بل تضع طوقا من الإلتزام بمحمولات تفرض على  الثائر مقابلة الضفة الأخرى بإيجابية عبر مسارات لا تمعن في تحفيز القنابل الموقوتة .

الأمر المهم هو التحول الذي حدث بموجب توليه منصب الحاكم لأنه  يجعل كل ما يصدر عنه يشكل خطاب رسمي  يعبر عن  الحكومة الانتقالية، يرتبط   بوضعه تحت إشراف رئيس الوزراء، لكن يبدو أن مناوي لم يتهيأ لهذه النقلة التي تتطلب أدوات مختلفة، تعزز  التطوير الإيجابي المرتبط بحالة الإنتقال  من وجود فرق استشارية  سياسي و إعلامي  و غيرها تسهل له  ممارسة مهامه بروح وجهد الفريق ، علي سبيل المثال جاءت زيارته إلي محطة الكهرباء التي تشرف عليها شركة تركية بالفاشر عقب انقطاع التيار نتيجة لتراكم المطالبة علي الحكومة الإتحادية   المتعاقد الرسمي مع الشركة، في وقت كان يمكنه إستجلاء الموقف قبل زيارته التي توقفت عجلاتها تمام حقيقة مطالبات المالية المستحقة، الحلول تبدأ  وتنتهي من الجانب الحكومي الاتحادي و ليس من اسفل الى اعلى ، رغم ذلك كنت اتوقع ان يستجلي حقائق حول التعاقد هل تدفع الشركة اجرة علي استغلالها المباني الحكومية ؟ ما هو وضع إستغلال الشبكة في العقد ؟ ومن هو الطرف الذي يقع عليه عاتق توفير الوقود ؟ هذا الأسئلة كانت ستقود الي حالة متقدمة في رؤية الصورة الكلية لشروط  العقد مع الشركة التركية وقد  تدفع للتفكير حول جدية الحلول  .

كما جاء الاستقبال الثاني بجنوب دارفور معبرا عن تقديمه " سبت العشم " و في إنتظار " أحد يرتقي لكتف طموحها "، و هو ما لا يتأتى الا بالتزام الحكمة والإحتراف ، فبين الحرب والسلام تغيرات واسعة، في قمة مشهدها الراهن ،  ثقافة و إقتصاد السلام .

أخيرا : إتفاق سلام السودان ٢٠٢٠حدد ٢٨ صلاحية ولائية  لمسار دارفور ،   فيجدر  الرجوع إليها قبل التصريحات بفتح الحدود التجارية مع دول الجوار أو القيام بالترتيبات الأمنية من جانب واحد ،  لأن التداخل و الإرادة المنفردة قد تنتج انتهاك للإتفاق و تعيقه ، و لا ينتهي بها المطاف إلي تحقيق أي بند بشكل سليم ، السلام يتطلب الجهود الجماعية ، التعاون ،  الحكمة و الشوف فيا مناوي " كج " العين .

* جاء العنوان بتصريف من مقطع من قصيدة ( مسدار ابو السرة لليانكي ) للراحل محمد طه القدال .

Pin It

ما بعد فشل الإنقلاب!

الخرطوم سلاميديا

 
بقلم : محمد بدوي

في البدء لابد من سؤال حول ما أغرى شهوة العسكر بالخروج من الثكنات نحو شارع الإذاعة ؟ تتبع الإجابة لابد له من الحصافة بالبعد عن ما هو مبذول مجاناً على شاكلة الإعلانات مدفوعة القيمة بقصد حجب الشوف عن الأسباب ، و يأتى ذلك بتتبع أحداث الأسبوعين المنصرمين كتاريخ شهد محفزات لإستعجال  عجين الإنقلاب  و إعلان فقاعاته حال إكتمال التخمر .
المتتبع لنشاط لجنة التفكيك و مؤتمراتها الصحفية و ما أنجزته من جهود معلنة ، و تجاوزها في إقتدار للحملات الإعلامية المناهضة ، إلى جانب جهود البعثة الأممية في تدريب اللجنة و تمليكها المزيد من المعارف والوسائل ، يقف على أن الأمر عزز من السؤال مرة أخرى ماذا عن الشركات الخاضعة لإشراف القوات النظامية ؟
زيارة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك لقيادة قوات الدعم السريع بالخرطوم في سياق الدفع لتعزيز ملف الجيش القومي ، يدرك أن محصلة الزيارة في كل الأحوال تعبر عن تطور في المشهد و خطوة لها إنعكاساتها عاجلاً ام آجلاً .
المراقب لإدماج إتفاق السلام الموقع بمدينة جوبا بجنوب السودان في أكتوبر ٢٠٢٠ و تمديدها للفترة الإنتقالية و إنعكاس ذلك على تاريخ تولي المدنيين رئاسة المجلس السيادي في توقيت يتناقص يوميا .
 الخطاب الرسمي  الداخلى  عقب المحاولة الإنقلابية في ٢١ سبتمبر ٢٠٢١ ، كشف عن أنه بين  شارع الإذاعة وشعار  السلمية ما هو أقرب ما بين البث و  المارشات ، كما هو متوقع فقد جاءت ردود   الفعل الخارجية تعزز من الإنتقال المدنى السلمي ، رغم ذلك فقد غابت  ردود أفعال بعض  شركاء السلطة و كذلك بعض دول الجوار و هو أمر يدعو للنظر والتحليل مستقبلاً.
أخيراً : دفعت الحالة المكون المدنى نحو الأسئلة الكبيرة في ظل تكشف أدوات الأطراف الأخرى و مواقفهم لتمثل ال ٤٨ ساعة السابقة إحدى أكثر الفترات وضوحاً في عمر الفترة الإنتقالية فقد دفع المكون العسكرى بتصريحات تمثل كل ما عنده وضعت المكون المدنى و الشارع في المقدمة .

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع