ابحث عن

مقاربات: حول النزاعات والسلام بولاية جنوب كردفان و جبال النوبة نموذجا (1)

بقلم - دكنور نزار ماشا

تمهيد
اعتمدت هذه الرؤية على واقع عملى منذ العام 1995 بمركز دراسات السلام و التنمية بجامعة الدلنج, وعلى خبراتى الاكاديمية وعملي منذ العام 1999 فى جميع انحاء ولاية جنوب وبعض الولايات, مع كافة فئات المجتمع الشباب من الجنسين والقيادات و المراة والادارة الاهلية و منظمات المجتمع المدنى عموما وقد كانت خبراتى العملية ما بين التدريب و البحوث, عبر الورش, المنتديات, المحاضرات, الندوات و المؤتمرات سواء مع مركز دراسات السلام و التنمية بجامعة الدلنج, وكالات الامم المتحدة مثل اليونسيف و برنامج الامم المتحدة الانمائى, و المنظمات الدولية والوطنية والجمعيات, مما جعلنى مدرك لبعض المعلومات من خلال معايشتى ونقاشى و محاورتى لمختلف الفئات فى كثير من مدن الولاية منها العباسية و رشاد و ابوجبيهة و تلودى و هيبان و كاودا و ام دورين و الريكة و شات صفية و الفنقلو و كادقلى و ام دورين (ام سردبة) و الريف الشرقى و الدلنج و الدبيبات و الحمادى ووالى و جلد و كيلك و لقاوة و الفولة و المجلد و بابنوسة و الميرم و ابيى (امييت) و دلامى و هبيلا و الفرشاية و كرتالة و النتل و الابيض و الرهد و كوستى و الخرطوم و غيرها, و كثير من هذه المناطق زرتها اكثر مت ثلاث مرات بل البعض اكثر, مما اتاح لى اخذ الكثير من المعارف و الخبرات من انسان تلك المناطق, و قد كان و لا زال تواجدى المستمر فى هذه المناطق اما فى اطار جمع المعلومات والبحوث او في مجال التدريب او التوعية اوالادارة والتنسيق او المتابعة والتقييم. و مما سبق اعتقد بانه اصبح لى فهم مقدر حول قضايا النزاعات و العنف و الحرب و السلام بهذه الولاية
مقدمة
سيتم تناول المقالات عن السلام من خلال ثلاثة محاور: و هى اسباب النزاعات و العنف, وصنع السلام, و بناء السلام و ستعتمد الرؤية فيما يختص باسباب الصراع على الواقع على الارض مع الاهتمام بنظريات الصراع, والتركيز على بعض المقاربات و النظريات مثل الاحتياجات الاساسية, و الحرمان النسبى, و المطامع مقابل المظالم, بجانب المقارنات و فيما يختص بصنع السلام ستركز الرؤية على مقاربات, ادارة النزاع, و فض النزاع, و تحويل الصراع, بجانب الارث التقليدى المحلى, مع معرفة الاسباب الجذرية وفقا لتحليل الاطار متعدد الجوانب لتحليل النزاعات, دون اهمال لاثار و مصادر النزاع, و وضع رؤية للحل وفقا لتحليل و معالجة مصالح الاطراف المادية و المعنوية و الاجرائية و الاحتياجات. اما فيما يختص ببناء السلام سيتم التركيز على نظرية التغيير وبناء السلام, بجانب نموذج (نزار) لبرامج و انشطة بناء السلام, و نموذج (نزار1) للتوعية و التعريف ببرامج بناء السلام عبر الاجسام غير الرسمية بالمجتمع.
اولا الاسباب
لمعرفة الاسباب لا بد من تحديد المشكلات و القضايا (السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية), و معرفة المؤثرات الاساسية المكونة لها او المرتبطة بها و التى اصبحت مكونا للنزاعات و العنف, اضافة الى ذلك تحديد اطراف النزاع المباشرة و غير المباشرة, عبر تحليل اطراف النزاع من اجل الوصول لتحديد النزعات و معرفة الاسباب الجذرية
سنواصل.......

Pin It

اسباب النزاعات القبلية  في دارفور(١)

هيثم محمدين ادم
باحث في مجال النزاعات والسلام
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

يعتبر اقليم دارفور من اكثر اقليم السودان تأثراً بالنزاعات القبلية وذلك نسبة لتدخل السياسات التي اسهمت في تفكيك الاقليم بخلق مواجهات عرقية عصفت بالنسيج الاجتماعي الذى كان يمثل ارضية صلبه للسلم والتسامح ،وهو نسيج تشابكت خيوطه عبر قرون من التعايش بين مكونات دارفور تحت حكم الاقليم 1981م كوحدة ادارية وسياسية واحدة في حقبة تاريخية ممتدة  .بالاضافة الي تباين المناخ حيث نجد فيها مناخ صحراوي وشبة صحراوي وسافنا فقيرة وسافنا غنية.هذه التوليفة المناخية والعرقية والثقافية المتباينة ،اضافة الي وجود مصالح مشتركة ومتقاطعة او متضاربة بين المجموعات العرقية المختلفة جعلت من اندلاع النزاعات القبلية المتعددة وساهمت في النزاع بين المزارعين والرعاة حول الاراضي الزراعية وكذلك الجفاف والتصحر الذي ضرب الاقليم وكان سببا في هجرة كثير من السكان مما احدث الاحتكاكات القبلية .هذا يمثل نموزج الاول من النزاعات ذات ابعاد تنشئ من الظواهر نسبة لتعرض الاقليم  للاختلال البئيي خصوصا في المناطق الواسعة ،الجافة وشبة جافة هذا الاختلال اجبر كثير من المكونات لترك ديارهم وهاجروا الي مناطق اخري . بالاضافة الي استخراج الثروات من باطن الارض ،واعاقة الحركة نسبة للترحال، هنالك نموذج ثاني للنزاعات ظهرت حديثة هو النزاع السياسي علي السلطة مما احدث العنف بين القبائل كما يعتبر النزاع حول الارض والحدود الادارية  وحل الادارة الاهلية وتصفيتها بالرغم من دورها في فض النزاعات ايضا النزاع علي الموارد الجديدة ظهور الدهب في بعد المناطق والنهب المسلح والصراع السياسي المسلح من خلال ظلال الحركات المسلحة. كل  هذه الاسباب قادة علي النزاعات القبلية في الاقليم.  ان كل هذة الاسباب التقليدية الطببعية التي تحدث في كثير من المجتمعات المشابهه. والسياسة الحديثة هي التي قادت الى النزاعات القبلية في دارفور..
ومن ضمن الاسباب اكثر تأثير علي النزاعات الحالية هما النزاع الاجتماعي والاداري
والسياسي ودور الادارات الاهلية
.النزاع الاجتماعي :
ظل مجتمع دارفور مجتمعاً محافظاً ومتماسكا منذ فترة ليست بالقصير، لأنها تعكس مدي جدية وقوة وفعالية القبيلة في مجتمع دارفور، مع ملاحظة ان هنالك بعض التطور الداخلي للقبيلة يحدث من وقت الاخر. نتيجة لعوامل خارجية كالحرب والهجرة والنزوح بسبب الظروف المناخية، او نزاع بعض البطون داخل القبيلة لظروف اقتصادية او اجتماعية طارئة ألا ان هذا التطور ظل في مجمله يتمحور حول مفهوم القبيلة كمؤسسة اجتماعية أساسية. ولكن رغم هذا التمحور القبلي فأن النقاء العرقي لا وجود له في الواقع المعاش, واصبحت القبيلة مفهوما نظريا لا علاقة له في الغالب بالنقاء العرقي، حيث نجد ان كل القبائل اختلطت وانصهرت.من هناء ندرك ان مجتمع دارفور قد تمازجت عبر القرون وانصهرت بدرجة من التمايز في كثير من المؤسسات خاصة المدارس بمختلف مراحلها يتم وفق مناطقهم وليس قبائلهم. لذلك كان التعايش السلمي تلقائياً بين القبائل حتى عهد قريب . هذه الصورة انقلبت اليوم راسأ علي عقب،  ففي الثلاثة عقود الماضية تغيرت المفاهيم الي الجانب السلبي, وبدأت النعرات القبلية في النمو, واصبحت كل قبيلة تجعل الاخر ليس منافسة فقط, بل عدو ولابد من الاعداد لمنازعتها.وتدميرها ونهب كل ممتلكتها وتهجيرها .
النزاع الاداري:_

ان افرازات تجربتي الحكم الاقليمي والفدرالي, ونظرا لمساحة السودان الكبيرة قد جعلت من الانسب ان يحكم لا مركزيا, حيث فشلت السلطة المركزية علي مر سنوات الحكم الوطني في تأسيس بنيات حكم اداري يلبي تطلعات المواطن وتقديم الخدمات الاساسية ويعمل علي تأسيس برامج تنموية تنقل المواطنين في الاقليم للحدود الدنيا من الرفاهية. حيث ادى التقسيم الاداري الجديد للولايات الى تحريك بعض المشاكل الكامنة والخاصة بالحواكير والديار والاراضي حيث ان اعادة تقسيم كل اقليم لعدد من الولايات والولاية لعدد من المحافظات ولاحقاً المعتمديات ولعدد من المحليات افقد الكثير من الاثنيات بعض من مناطقها الجغرافية والادارية التي تنتمي اليها. واحلت الحسابات العنصرية والجهوية والقبلية علي حساب الانتماء للكيان الوطني السوداني ونجد مفهوم الدولة الحديثة الذي أطلق الحريات في ممارسة النشاط الاقتصادي والمتغيرات البيئية  التى أدت الى  نزوح بعض القبائل من ديارها التقليدية الي ديار قبائل اخر مما غير التشكيل السكاني واخل بالنظام القبلي القديم وطرح مفاهيم حديثة كالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات علي اساس حقوق المواطنة. ولكن القبائل التي تمتلك الحواكير لم تستجيب لهذه المتغييرات للحفاظ علي المورثات وعدم انتزاع أراضيها بحجة الحداثة او اقامة المشاريع الزراعية وتمسك بعدم المساس بالنظم والاعراف التقليدية وظهور مستوطنين جدد في الارض كل ذلك ادي الي نشوب النزاعات بين القبائل وظهور الاتجاهات العنصرية بين القبائل في الاقليم. نجد ان السودان قد تغير نظام الحكم عام 1994م بقرار جمهوري حيث كان السودان يحكم من خلال اقاليم ومديريات ومجالس محلية الي ان أصبحت السلطة في مستويات ثلاثة وهي المستوي الاتحادي والولائي والمحلي وأصبح السودان يحكم من خلال18 ولاية بعد انفصال جنوب السودان.

ونجد ان نصيب دارفور قد كان اقليم واحد في السابق. وبعد صدور مرسوم جمهوري التاسع في عام 1993م والذي تم تطبيقه في عام 1994م والذى قضى بتقسيم اقليم دارفور الى ثلاثة ولايات ومن ثم اعادة تقسيم ولايات دارفور مره اخري الي خمسة ولايات بقرار جمهوري رقم (186) في عام 2011م .
النزاعات الادارية والقبلية زاددت بصورة كبيرة في الاقليم نجد ان التقسيم الاداري الجديد ما هي الا ارضاء القبائل دون  مراعاة المعايير المهنية والادارية .يدرك المرء فداحة الأمر وكيف ان الحدود الادارية أحدي اهم عوامل النزاع القبلي بدارفور وكيف ان هذا المجتمع تفكك بناءه الاجتماعي وتعايشه السلمي في مواجهة الانتماء القبلي والعشائري المتطرف الذي سبب فيها السياسسات الجديدة في التقسيم الاداري من خلال اعطاء بعد القبائل ولايات ومن ثم اعطاء كل قبلية معتمدية او محلية علي اساس قبلي بدون حدود واضحة حل وتسييس الادارة الاهلية ,يعتبر من الأخطاء الكبيرة من الناحية التاريخية تكوين الادارة الجديدة التي خلقتها الحكومة بغرض الكسب السياسي والتي كان من المفترض ترقيتها وتحسين أدائها وتطويرها بما يتلاءم مع طبيعية هذه المجتمعات . وقد أضرت كثيراً بالبلاد والغى دور الدولة كوسيط محايد لفض النزاعات بين المجموعات القبلية وشجع القبلية والجهوية لتحقيق الكسب السياسي .فكان لهؤلاء الشيوخ والعمد والنظار والسلاطين والشراتي دور كبير وخبرة وحنكة وحكمة في حل ومعالجة النزاعات وتسويتها وأن استبدال الهياكل التقليدية بمؤسسات رسمية قد اثبت عدم كفايتها في معالجة وتسوية النزاعات المحلية, وتشير الأدلة والشواهد الي ان عملية التحديث ادت الي اضعاف بل انهيار الهياكل العرفية التقليدية بدون توفير البدائل السليمة القابلة للتطبيق وتحقيق العدالة بموجب القانون العرفي.
النزاع السياسي :-

هو بمثابة آله القياس لتصنيف النزاعات فيما هو قبلي أو عرقي أو جهوي او اثني عن بقية النزاعات الاخرى بسبب التنازع علي الارض والموارد الطبيعية ومصادر المياه ويندر ان يخلو نزاع قبلي في دارفور والسودان عامة من العامل السياسي. ويكون عنيف أو دموياً في المجتمعات المتخلفة التي يسيطر عليها الجهل, ويسود فيها قانون الغابة. بينما يكون اقل حدة في المجتمعات الحديثة التي ادرك فيها الانسانية قيمة النفس البشرية. فيميل الي التسوية عن طريق الحوار والحكمة ونادرا ما تقع فيها احداث دموية او قتال .والسلطة المركزية غالبا لها يد في النزاعات القبلية ,وقد تسعي الي تأجيجها لكي  تحقق مكسباً سياسيا .وهذا ما حدث في النزاعات القبلية في دارفور طيلة فترة الانقاذ
استبدال قواعد وأعراف مؤسسة الحكم والإدارة في دارفور وخاصة الاهلي برمتها لتصبح وحدة الادارة السياسي القبلي وتنزيل العقيدة السياسية الي ارض الواقع واعادة تنميط المجتمع القبلي و قد أصيبت الادارة الاهلية في مقتل واحتل محلها اصداء الحرب وتم تحويل بعض رجالات الادارة الاهلية الي امراء حرب وبعضهم الاخر الي دعامات للمشروع الحضاري الذي جعل من معهم استقطاب أتباعهم للانخراط في الحروب التي تكون الدولة طرفاً فيها...

Pin It

رحل الخالد.. ستعرفه الأجيال المقبلة أكثر فأكثر

عصام أبو القاسم

سيبقى منصور خالد، الذي رحل فجر اليوم، رمزاً سياسياً وثقافياً وسياسياً خالداً بكل ما لكلمة الخلود من معنى. ستعرفه الأجيال المقبلة أكثر فأكثر، وستعرف من خلال مؤلفاته العديدة والثمينة، مسارات ومحطات الحياة السودانية، بمختلف وجوهها، منذ الخمسينيات وصولاً إلى أيامنا هذه. كتب الرجل كل شيء، وباللغتين العربية والانجليزية، كتب في كل وقت وفي كل مكان، كتب ببلاغة يستلذ بها كل من يعرف القراءة؛ كتب بفصاحة ترهب وتربك، كتب أكثر وأعمق وأشجع من أي واحد ممن زاملوه في مجال اشتغاله.
وحين يتتبع المرء سيرة الراحل سيلحظ على الفور كيف انه ما كان يفوت لا الأوقات ولا الفرص لإثراء تجربته المهنية والمعرفية،والتقدم إلى الأمام.
قرأت عن منصور خالد (1931ـ 2020)، الذي صنع أول اتفاقية سلام ناجحة بين شمال وجنوب السودان مطلع السبعينيات من القرن الماضي، انه عند دخوله جامعة الخرطوم (1951) التحق أولاً بقسم الفنون، ولكنه بعد عام راح ليدرس القانون، واثناء دراسته في الجامعة كان يكتب في الصحف، وراسل وكالة الأنباء الفرنسية، كما التحق بالمركز الثقافي الفرنسي في الخرطوم لتعلم اللغة الفرنسية، وظفر بمنحة من المركز للتعمق في الفرنسية في باريس.
وبعد حصوله على البكالوريس في القانون 1957، بثلاث سنوات (أي 1960) ، حصل على المجاستير في الاختصاص ذاته من جامعة بنسلفانيا (الولايات المتحدة)، ، ثم حاز سنة 1965 شهادة الدكتوراه في جامعة باريس في القانون أيض.
من 1964 إلى 1969 كان منصور خالد يعمل بين منظمتي الأمم المتحدة واليونسكو في بلدان مثل فرنسا وامريكا والجزائر، ثم صار جزءاً من نظام مايو 1969 حيث تقلد العديد من المناصب قبل أن يقاطع النميري مطلع الثمانينات ويلتحق بالحركة الشعبية بقيادة جون قرنق قرن، إلخ.
في وصف تكوينه الفكري والثقافي، قال منصور خالد، في مقدمة كتابه " حوار مع الصفوة" إنه عرف " في شرخ الصبا، محاياة تجارب تاريخية هامة كان لها أثر عميق على نظرته للأمور، على رأس تلك التجارب: تجربة الثورة الجزائرية غداة إعلان استقلالها، وتجربة التحول الاجتماعي في الولايات المتحدة الذي فجره الرئيس جون كنيدي، خاصة فيما يتعلق بالحقوق المدنية، ثم تجربة ثورة الربيع الشبابية في باريس، ومن المدهش أن يتعلم ذلك الشاب الوافد من قلب أفريقيا عن قارته الأم في ضفتي المتوسط ما لم يتعلمه في السودان. الجزائر في وهج تألقها الثوري في مطلع الستينيات كانت هي المثابة التي يلاقى فيها الآباء المؤسسون للتحرير الافريقي: أحمد سيكوتوري، مادبو كيتا، اميلكار كابرال، اوغسطينو نيتو، والقائد المؤسس كوامي نكروما". وأضاف انه تعرف "على الشط الآخر من البحر على الجذور الفكرية للحضارات الافريقية في [مؤسسة الحضور الافريقي] التي مكنت القارئين من الإطلاع على الآثار الانشائية والبحثية لليوبولد سيدار سنغور، شيخ أنتا ديوب، هامباتي با، وعالم الاجتماع الفولتي كي زيريو، وأشار خالد إلى انه لُقن في طفولته، انه ينتمي إلى ـ أمة أصلها للعرب .. دينها خير دين يحب ـ ذلك كان نشيد مؤتمر الخريجين، حادي الركب، وكان صائغه سوداني من أصل نوبي".
الروائى الراحل الطيب صالح، قال عن منصور خالد " سواء راق لك أم لا، وسواء اتفقت معه أو لم تتفق، فإنك لا تستطيع أن تنكر، انه من أكثر المفكرين، لفتاً للنظر وتحريكاً للاهتمام، لا في السودان فحسب، لكن في اتساع العالم الثالث على إطلاقه، وحين ينطوي ظل هذا العهد القائم ـ نظام البشير ـ والظلال لا بد أن تنطوي طال نهارها أم قصر ـ فسوف يكون له شأن".
ووصف صالح كتابات خالد قائلاً إنها تحفز على "التفكير والتأمل"، وأضاف " الجرأة العقلية من سمات الدكتور منصور خالد منذ هو طالب علم يافع في مدرسة وادي سيدنا الثانوية أواخر الاربعينيات. قادته تلك الجرأة إلى أن ينحاز إلى معسكر الحركة التي يقودها جون قرنق. رغم انه لم يكن الشمالي الوحيد الذي فعل ذلك، فإن تحوله أحدث بلبلة بين رفقاء صباه واصدقائه والمعجبين بفكره. وكنت أحد الذي عجبوا لذلك التحول.. تساءل الناس كيف أن رجلاً نشأ في بيت علم ودين في مدينة أم درمان العتيدة، وامتلأ وجدانه بعشق اللغة العربية وتراث الإسلام؟ من أكثر الناس فصاحة عربية حين يتحدث أو يكتب، وشاعره المفضل هو أبو الطيب المتنبي.. كيف انحاز إلى حركة بدا كأنها تهدف إلى اقتلاع الكيونية العربية الإسلامية من أرض السودان؟ الذين أحسنوا الظن به قاله له رأي ما لم يرؤا وعرف ما لم يعرفوا... أيا كان الأمر فإن موقف الحركة قد تغير الان فانصاعت في نسق المطالبين بالوحدة إنما على أساس التعدد والشرعية الديمقراطية، وربما كان لمنصور خالد يد في ذلك".
وعن الراحل كتب الدكتور عبد الله علي إبراهيم عنه في مقدمة كتابه الموسوم " .. ومنصور خالد"، كتب معلقاً على مادة كتابه التي كانت في الأساس سلسلة مقالات نشرت في مجلة الخرطوم الجديدة "هذا كتاب عن كاتب لا مهرب منه في الفكر السياسي السوداني هو الدكتور منصور خالد".
إلى جانب " حوار مع الصفوة"، كتب الراحل العديد من المؤلفات منها، بلا ترتيب: " لا خير فينا إن لم نقلها"، " الفجر الكاذب "، و"السودان والنفق المظلم" ، و" النخبة السودانية وادمان الفشل"، و" جنوب السودان في المخيلة العربية".
رحمه الله واسكنه فسيح جناته، وخالص التعازي للصديق العزيز عبد الماجد عليش، ابن خالة الراحل، والذي كتب كتابا قيماً حول الراحل بعنوان " منصور خالد: ملاحظات وأسئلة بدون إجابات"

Pin It

تجمع المهنيين .. الشمولية في أبهى تجلياتها

الخرطوم - عبدالرحمن العاجب


منذ أن بدأت ثورة ديسمبر المجيدة تتخلق في بداياتها، كان الصحفيين السودانيين، ورفاقهم في الاجسام المهنية الاخرى (الاطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين) من الروافد الطليعية الثورية المتقدمة لصفوف النضال ومنازلة نظام الانقاذ المباد، فقدموا عدد من المعتقلين والجرحى في معارك الصمود خلال المواكب التي شهدتها العاصمة والولايات والتي توجت بإسقاط نظام الانقاذ البغيض.

وطوال فترة الحراك الثوري الذي توج في ختام المطاف بانتصار ثورة ديسمبر المجيدة التي اطاحت بأكبر الديكتاتوريات في افريقيا، كان المهنيين بمختلف اجسامهم المهنية وفي مقدمتهم الصحفيين حاضرين وبقوة وفاعلية في الحراك الثوري، وكانوا يقفون جنبا الى جنب مع تجمع المهنيين السودانيين الذي كان يقود الحراك الثوري الذي توج باسقاط نظام الانقاذ.

وبعد سقوط نظام الانقاذ البغيض، وتشكيل حكومة الثورة، كنا نتطلع مع بقية رفقاء النضال الى تتويج هذا الفعل الثوري بتكوين نقابات مهنية منتخبة حرة وديمقراطية تعبر عن قواعدها وتدعم حكومة الثورة في تحقيق شعاراتها المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.

الجميع يعلم أن تشكيل نقابات مهنية منتخبة حرة ونزيهة ظل طموح بعيد المنال لكل المهنيين طوال الثلاثة عقود الماضية من حكم النظام المباد، ولكن بعد اسقاطه عبر ثورة ديسمبر المجيدة تطلع الجميع لقيام نقابات مهنية تحل مكان تجمع المهنيين السودانيين، لتشكل بدورها التجمع النقابي الذي يشكل بدوره سند مهني وجماهيري لحكومة ثورة ديسمبر المجيدة، غير أن تجمع المهنيين وقف عائق في تحقيق هذا الحلم وتمسك بالشرعية الثورية في سلوك إنتهازي لايشبه القيم والشعارات التي كان ينادي ويطالب بها.

طالعنا يوم امس بيان صادر عن تجمع المهنيين السودانيين، اعلن فيه عن انتخاب سكرتارية وتنسيقية ومجلس للتجمع في خطوة استنكرتها كل الاوساط المهنية، ووصفتها بانها ردة عن مبادئ ثورة ديسمبر المجيدة.

الخطوة التي اعلنها تجمع المهنيين هي خطوة مرفوضة لكثير من المهنيين ورفضها يؤكد وقوفهم ضد سياسة الهيمنة عبر الشرعية الثورية التي تقوم بها بعض الجهات باسم تجمع المهنيين السودانيين.


ومن خلال الحراك الرافض للخطوة والذي انتظم في اليومين الماضيين تأكد أن ممثلي الكيانات المهنية في التجمع الذي اعلن عنه لاتمثل قواعد هذه الاجسام المهنية، فالبتالي هذه الخطوة باطلة.

فيما اعلنت بعض الكيانات المهنية انها ستتقدم بطعن قانوني ضد هذه الخطوة، وذكرت كيانات اخرى انها ستقوم بتقديم مذكرة لمؤسسات السلطة الانتقالية تطالبها بعدم التعامل مع هذا التجمع الذي يفتقد للشرعية، والتمسك بقيام نقابات مهنية منتخبة حرة ونزيهة وفي أقرب وقت ممكن.

وبين هذا وذاك سيظل رفض الكيانات المهنية للهيمنة على مؤسسات الثورة ومكاسبها عبر الشرعية الثورية هو موقف مبدئي واخلاقي.. فيما يبقى التشديد على ضرورة اصلاح الاخطاء التي صاحبت مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة هو مطلب جماهيري واجب التنفيذ حتى يتسنى للثورة وحكومتها الانتقالية العبور الى الضفة الاخرى بسلام وامان.


# معا لعودة النقابات المهنية.

#معا لتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة

Pin It

موقع إخباري محايد وغير منحاز لأي طرف أو جه ويقدم خدماته لجميع السودانيين والمهتمين بالشأن السوداني

253 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع